رواية سياسية اجتماعية
هو هكذا دائماً وأبداً، القصيبي، مسافر زاده الخيال، وقدرةٌ حوارية ينطلق من خلالها إلى أرجاء وتخوم وأزمنة لا تعرف حدوداً، والمرشد في رحلاته فكرٌ وعى التاريخ والجغرافية والاجتماعات والدبلوماسيات والقهريات والتداعيات وقبل كل شيء العربيات كعلوم قوامها واقع معاش في ظل الهيمنات المتعددة الوجوه والممتدة ظلالها من الأزل من بدء التاريخ المحدد بالتقويم الهجري أو الميلادي أو الفارسي أو اليهودي.
ينطلق القصيبي بتلقائية وبحرية لا حدود لها، من خلال منولوجات وحوارات يستنطق محاوره، ليجري على لسانه ما يعتلج في داخله من هموم وقضايا. وأبو شلاخ يمضي في سرد أحاديثه ومذكراته مع بدايات نبوغه ثم مرحلة الصمود والتصدي ووديعة روزفلت، وامبراطورية “أم سبعة التجارية” ونساوين في حياته ليصل إلى رحلته الغريبة حول العالم واكتشافه الجوانب المتعددة من القمر، يجول المحاور يعقوب المنضّح الشهير بأبو شلاخ البرمائي الدنيا شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً يقابل هتلر، روزفلت، أيزنهاور ماوتس تونغ، يزيح الستار عن أسرار مضت وعن أحداث ووقائع ورجال ونساء، وكما يجول في المكان، يجول أبو شلاخ البرمائي في الزمان مجتازاً مراحل بداية الإنسان مع وسيلة تنقله، الحجار، وصولاً إلى الطائرات والصواريخ والانترنت.
والقصيبي من خلاله يبوح بكل المحظورات، سياسية، أدبية، اجتماعية، لأنه يحق للشاعر ما لا يحق لغيره، شخصياته رموز، وعباراته رموز، ورموزه لا كغيرها من الرموز، وفلسفة الحياة، وفلسفة المعاش، وفلسفة الواقع، والواقع بفلسفته الآنية كل ذلك يمر بخفة من خلال سطور القصيبي الناطقة بالسخرية اللاذعة التي تثير مكامن وجع العربي، ووجع الإنسان حيناً لتند عنه بسمات وقهقهات أحاييناً أخرى، ولما لا، فالقصيبي يضحك مذبوحاً من الألم