حينما تقرأ لكاتب سوداني رواية، لا يتضاءل وهجها مع الأيام، ترى نفسك قارئاً متلبساً بها، ذلك أن أروع ما يميز هذا الأدب تلك اللغة المتآمرة مع واقع تتشكل فيه روح البيئة بطريقة خلابة تعيد تكييف الأحداث الواقعية والمتخيلة وتوزعها في ثنايا النص الروائي. و”أمير تاج السر” هو سيد الرواية السودانية وأميرها، وخير من يجيد النثر الحي بالصور الصابرة على الألم والتحدي، وبشخصيات لا يمكن نسيانها تصور الواقع الحقيقي، بحس نقدي، يبقي الذكريات التي انطبعت على أجساد الضحايا حيّة ومتحفزة حتى آخر رمق فيها. و”أرض السودان.. الحلو والمر” قصة نثرية خلابة عرف جيداً صاحبها كيف يدير أدواته فتماهى العمل مع قارئه محدثاً دبيباً ما في نفسه، بعبارات عفوية هادئة، يكشف من خلالها الراوي واقعاً أرقه فكتب عنه، كاشفاً عن خباياه وتلاوينه المختبئة. تدور أحداث الرواية حول مغامرة قام بها شاب بريطاني في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وتوضح أحداث الرواية أحوال البلاد في ذلك الحين وانطباعات البطل بعد احتكاكه بأهل السودان، وتتعرض لسلوكيات المستعمر وتجارة الرقيق وتغير المجتمعات