إن الأهمية الكبيرة لهذه الدراسة، التي تلي هذا التمهيد ، تنبع من حقيقة مفادها أن تقدير المرء لواقعه واستفادته من ماضيه وقيامه بالتخطيط ليوجه مسار التغيير نحو الأهداف المرجوة إنما هي الأسس المطلقة لضمان البقاء والازدهار. وإن الحكم الإلهي: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ……)(الرعد: من الآية12) لهو السنة المطلقة للتاريخ.
إن هذه الدراسة لَتُعلن بقوة أن “الأمة” تعانى من انحراف خطير يتهددها، وتحاول أن تقدم للأمة علاجاً أكيداً يعيد إليها العافية ، كما تستحثها إلى الأمام نحو الدور المقدر لها ، أن تحمل مسؤولية قيادة العالم: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة: الآية143) .
وهذه الاعتبارات تعطى لهذه الدراسة الحق في أن تنال من المفكر المسلم أقصى ما يستطيع من الاهتمام الجاد، وتثير فيه إمكاناته الروحية فيبحث عن الغاية العظمى ويسهم في تحقيقها في المستقبل.