تتناول رواية «أصابع بلا يد» الموضوع الأثير في الرواية العربية، وأعني، الصدام الحضاري بين الشرق والغرب، التي تسرد علينا وقائع هجرة أسرة مصرية نحو كندا، والروائي يسرد علينا روايته من نهايتها، إذ تعود الأسرة إلى القاهرة، بعد أن غادر الزوج (محمود) إلى نيجيريا بعد أن حصل على عقد عمل فيها، والأم (نجوى) مع ابنتيها (نوال) الهادئة، لكنّ تحت هذا الهدوء الظاهر دواهي ومأسي وانفلاتا مبرقعا، و(نيفين) العابثة المنفلتة، التي تحيا الحياة الكندية بكل معابثتها وانفلاتها، وإحسان يستخدم تيار الوعي، وانثيال الأفكار في سرد حوادث روايته هذه، فالأم (نجوى)
وهي على مقعدها في الطائرة المتجهة نحو مطار القاهرة، والرحلة تستغرق ساعات طويلة، تستذكر أيامها في القاهرة، وزواجها ورحلتها نحو كندا، وحياتها فيها، ومن ثم قرارهم بالعودة إلى مصر، هذا القرار الذي ما لقي صدى في نفس البنتين اللتين تعيشان انفصاماً حياتياً، بين الحياة في كندا، وما يرينه، تزمتاً حياتياً في القاهرة، وتعلنان دائماً، إنهما تعانيان غربة روحية ومكانية في بلد الأبوين، فليس ثمة ما يربطهما فيه، وحتى الأهل والأقرباء، لا تشعران بالمودة إزاءهما لأنهما ما عاشا معاً، وتعارفا ونمت المودة والعلاقة منذ الصغر والعيش المشترك.
فـ(نجوى) المعتادة على الحياة الاجتماعية في القاهرة، والروابط الأسرية المتينة في الوطن العربي والشرق، هما ما افتقدتهما في الحياة الميكانيكية الخالية من الروح في ذلك البلد النائي، بل إن الزوج الوصولي، الذي انسلخ تدريجياً من مفاهيم الشرف، لا يمانع في حصول لقاءات مع مدير زوجته في العمل، حتى إذا ترفض الزوجة مثل هذه اللقاءات غير البريئة، وما ينتج عنها، يستغرب زوجها (محمود) قائلاً لها:
ـ إنه مديرك، وقد ينفعك في زيادة الراتب والترقية الوظيفية.