هذه الرواية تغرق في ميكانزميات الماضي المؤسس لهذه الحروب، وإن كانت كلمة الاضطهاد والسلب هي تعبير عريض عن حالة الإنسان العراقي في ظل كل الأنظمة السياسية التي مرت عليه بدءاً من ما قبل التاريخ. فإن البحث في المقدس الذي يولد هذه الميكانيزميات هو نوع من التيه الذي يتساءل بطل هذه الرواية عنه ويبحث في المجهول لاكتشافه. هناك علاقة سرمدية بين الإرث السياسي العراقي وبين الناتج الأخلاقي لهذه العلاقة، وإن كان بطل هذه الرواية يعاني من توحداته العميقة، فإن المجتمع يدفعه إلى تطوير فكرة المخلص -الجليلة- في الجذر العراقي وهذه الفكرة رغم قساوتها تعني أن البحث عن الأمل يبقى أجمل الأمنيات وأعزها.
بطل هذه الرواية يبحث في تأسيس علاقة افتداء كبيرة وهو يستعير من الموروث العراقي متمثلاً في أساطير الأولين نوعاً من المعادل النفسي، لكنه في النهاية يكتشف أن فكرة الافتداء وعودة الفادي ماهي إلا فكرة مجنونة. هكذا تتكون في هذه الرواية رؤية للجنون وهو ليس شخصياً إنما شاملاً في لحظة التأمل الكوني بأن الزمن والآلهة والأساطير لم تكن في يوم ما إلا هاجس البحث عن العدالة التي لم تستطع أن تعيد تركيب مكوناتها في ظل هاجس فكرة التسلط الإنساني واستلاب العراقي على مر الدهور.