عني ابن رشد بمسألة أدب الاختلاف من زاوية لاحظ من خلالها انشغال الفقهاء في عصره بالجزئيات دون التفات يذكر إلى تقرير الأدلة وبيان المدارك الفقهية، وأن تقرير جمهرتهم لمسائل الفقه شابه الكثير من التداخل والخلط؛ فرأى بثاقب نظره أنَّ تناول الفقه بتلك الطريقة أدى إلى عزل الفقه عن أصوله ومصادره، وأن العناية بتناول الفقه بتلك الطرق قد صار جزءًا من عوامل تعطيل ملَكة الاجتهاد.
فقرر أن يكتب « بداية المجتهد ونهاية المقتصد » بمنهج مغاير هو منهج الفيلسوف الفقيه الذي يعمل على لفت أنظار الفقهاء إلى فلسفة الفقه؛ لعل ذلك يؤثر في قليل أو كثير في أساليب تعاملهم مع الفقه وأدلته. ولذلك ركز على أسباب الاختلاف منبهًا إلى زوايا النظر في الأدلة.