لما بدأت مصر نهضتها في القرن التاسع عشر الميلادي صادفت كثيرا من النجاح لكنها صادفت الفشل أكثر مما صادفت من النجاح، وبعد مائتي عام على بدايات هذه النهضة أصبح من واجبنا أن نتصارح عن السبب الحقيقي في النجاح، والسبب الحقيقي في الفشل بعيدا عن كل الأسباب المقولبة أو الملفقة التي استسهل أسلافنا اللجوء إليها في تشخيص الحالة التاريخية، وفي وصف النهضة التعليمية والعلمية والثقافية. على سبيل المثال، فإن من الصعب على الذين غرقوا في التفرقة بين عصر محمد علي من ناحية وبين عصر عباس الأول من ناحية أخرى أن يصلوا إلى حقيقة السبب، لأنهم يعولون على قرارات أو توجهات فوقية ربما يكون لها أثر وقتي، لكنه لا تصنع نهضة ممتدة كما أنها لا تعوق نهضة راسخة.