ما من مؤرخ تحدث عن الجزائر في عصورها الحديثة إلا وأشاد بالأمير المجاهد عبد القادر الجزائري ونوه بفضله ومكانته حتى غدا هذا الأمير تعلماً من معالم المغرب العربي الحر بما له من مآثر بطولية ملحمية سجلها التاريخ بحروف من نور. وما من مؤرخ كذلك درس تاريخ الشام المعاصر إلا وأشار إلى هذا الأمير العالم لما ترك من آثار واضحة في حياة دمشق وما حولها من جميع مناحيها السياسية والعلمية والاجتماعية وخلال المرحلة الطويلة التي عاشها هذا العالم في بلاد الشام.
كان الأمير عبد القادر شخصية عظيمة امتازت بصفات متعددة وفي جوانب مختلفة لفتت إليها الأنظار واستقطبت من حولها الرجال فملأت الدنيا وشغلت الناس. لم يعرف الأمير مجاهداً وسياسياً فحسب، ولم يبرز للناس عالماً أو زعيماً أو مصلحاً أو قائداً أو صوفياً فقط بل كان يجمع ذلك كله في نفسه الشماء. ولتعريف أكثر بهذا الأمير المجاهد والعالم الصوفي والشاعر السياسي جاء الكتاب الذي بين أيدينا والذي يحتوي على نبذة مختصر تسرد حياة هذا الأمير وتبين مسيرته السياسية والجهادية وميوله الصوفية، هذا إلى جانب كشفها عن أشهر مؤلفاته وقصائده الشعرية وأعماله الأدبية.