الجزء الثاني: يتحدث عن المرحلة التي امتدت بين دخوله الأزهر وتمرده المستمر على مناهج الأزهر وشيوخه ونقده الدائم لهم وحتى التحاقه بالجامعة الأهلية.
، ولكنه لم يكتف بالحديث عن نفسه فلم يكن هذا الجزء سيرة ذاتية عن حياته فقط وإنما عمن هم حوله ويشاطرونه نفس المبنى فتحدث عنهم وأوغل في التفاصيل وأغرقنا فيها، وحكى عن زملائه في الأزهر، زملائه الذين يأنس لوجودهم ولا يشاركهم ، يحكي عن طرائفهم وضحكهم عن أحاديثهم وعاداتهم وعن فرحهم ومرحهم، وكيف يقضي يومه، وكيف كان عليه أن يعتاد هذا المكان الجديد، ويصف لنا التفاصيل الصغيرة والروتينية، ويتفنن في الوصف، كان طه حسين يلحظ ما يجري حوله ويسمع ما يقال، وان له في ذلك لتسلية وأُنس ، وإن كان لا يشاركهم فيها فهو يلاحظ ما حوله ويكتفي بابتسامة، أما أصعب ما كان يواجهه وأقساه هو الوحدة المحتمة عليه في كثير من الأوقات، كان يتحدث عن مشاعره وما يجول في خاطره إضطرابه ووحدته وقلقه، وخجله من الطلب ، هكذا قاسى طه حسين الوحدة والإهمال في كثير من الأحيان، لكنه كان يجد له مؤنساً بين الحين والآخر، زميلاً يشاطر معه صفحات كتاب، وآخر يسانده ويشد من أزره، هكذا عرف الحياة بحلوها ومرها..
كانت المواد في الأزهر تُعلّم بطريقة بدائية وتقتصر على علوم الدين والتفقه فيه، كثيراً ما كان يبدأ دروسه بهمة و نشاط ثم يلحقه فتور وملل، وكان قد خاب أمله وساء ظنه بكثير من شيوخ الأزهر وطلابه .. مع ذلك بقي عنده شيء من العزيمة في تحصيل هذا العلم وحفظه .