يرى د. عمارة أن التاريخ يعد “علم من علوم المستقبل وليس مجرد قصص لتزجية الفراغ والاستمتاع” حيث أنه إذا كان ما نملكه من اختيارات ومواريث يعين على الخلق والإبداع بالشكل الذي يدعم من النهضة الحضارية كان الربط بين تراثنا ودراساتنا المستقبلية مطلبا قوميا وضرورة من ضرورات النهضة وشرطا من شروطها.
حاول المؤلف من خلال كتابه تقسيم البحث في علاقة التراث الإسلامي برسم مسارات المستقبل من خلال عدة فصول منها الحديث عن العقلانية الإسلامية، والاجتهاد والنهضة الحضارية، والعدل الاجتماعي، والشريعة والقانون، والتدين بين الشكل والمضمون، وطبيعة السلطة السياسية، والذي جاء فيه أن مواريث الأمم والشعوب تختلف بطبيعة السلطة السياسية في الدولة والمجتمع ومثال على ذلك المعروف عن تاريخ القيصرية الرومانية حيث كان القيصر “ابن السماء” وبالتالي كانت لسلطته وسلطانه قداسة الحاكم باسم السماء وذلك قبل اعتناق المسيحية .
أيضاً في التاريخ العبرانى القديم كانت توجد سلطة الأنبياء والقضاة والملوك ووضح ذلك في العهد القديم كما وضح في تطبيقات العبرانيين حينما اقتنصوا من الدهر فترات قليلة أقاموا فيها لهم دولة وكيانا سياسيا.
كما ناقش الكتاب في فصل “الصحوة الإسلامية” قضية الغلو في الدين وموقف الإسلام من الغلاة باعتباره من القضايا المثارة على الساحة العربية والإسلامية، مؤكداً على رفض الإسلام له في مواضع عدة في القرآن الكريم والسنة النبوية، ويقول عمارة في الكتاب “ذهب البعض ويذهب إلى إلقاء وصف الغلو على تيارات فكرية إسلامية قديمة أو معاصرة لا لشىء إلا لأنها ترفض الواقع البائس والظالم الذي فرض على الإسلام والمسلمين فسعت وتسعى إلى الثورة عليه، وهنا يحدث الخلط بين الدين و الدنيا وبين الروحانيات والشعائر والعبادات وسياسة المجتمع وتنظيم دنيا الناس”
طرح الكتاب من خلال فصل “العروبة والإسلام” موضوع الجدل حول “عروبة مصر” التي تثار بين الحين والآخر، وفيه يقول المؤلف “الذين يؤمنون بعروبة مصر قوميا يرون فيما بينها وبين بقية الشعب العربي شيئا يختلف في النوع عن ذلك الذي هو قائم بين الأمم والقوميات في أوروبا، فنحن هنا بإزاء قومية وأمة واحدة، مزقها الأعداء الداخليون أو الخارجيون، أو هما معا متحالفين، وعلى هذه الأمة أن تسعى إلى وحدتها القومية، لا أن تقف دولها عند حدود حسن الجوار أو التضامن الذي يحقق الأمن لدول الطوائف والتشرذم الإقليمية”.
وعن وضع المرأة في الإسلام قدم المؤلف فصلين للحديث عن هذا الشأن، الأول تطرق إلى صورة المرأة فى صدر الإسلام والآخر عما يعنيه الإسلام بالنسبة لتحرر المرأة وتحريرها، كما خصص فصلا عن “حقوق الإنسان”.
وفيه يتحدث عن أن الإسلام قد بلغ في الإيمان بالإنسان، وفى تقديس حقوقه إلى الحد الذي تجاوز به مرتبة الحقوق فأدخلها في إطار الواجبات، فالمأكل والملبس والمسكن والأمن والحرية في الفكر والاعتقاد.. إلخ، في نظر الإسلام ليست فقط حقوقا للإنسان، من حقه أن يطلبها، ويسعى إلى تلبيتها، ويتمسك بالحصول عليها، ويحرم صده من طلبها، وإنما هي واجبات لهذا الإنسان بل وواجبات عليه أيضا.