الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي، نادرة من نوادر الإسلام في القرون الأخيرة، قد طبقت شهرته الآفاق، وملأ صيته المشرق والمغرب، فكان أكثر أهل عصره تأليفاً ونِتاجاً؛ فقد صنف في التوحيد، والتفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والنحو، والأدب، واللغة، والبيان، والمعاني، والبديع، والتاريخ، والتراجم، والمنطق، والميقات… ما يقارب الالف ومئتي كتاب.
وكان لإطلاع السيوطي، وكثرة قراءاته، ودأبه على تتبع كتب السلف في مختلف الفنون، خير عامل على جعله عالماً موسوعياً، قدّم لنا في كتبه عصارة ما كتبه الأقدمون، ممّا عزّ وجوده الآن، ودثرته السنون والأيام؛ لذلك أصبحت كتبه مرجعاً في بابها، إذ أصبحت مصادر بديلة عنها، ينهل منها أهل العلم، فيجدون فيها بغيتهم ومرادهم.
وهذا الكتاب ترجمة حافلة له، أراد بها المؤلف أن تكون موسوعة موجزة عن حياته، لتشمل جهوده وآراءه وإختياراته في مختلف العلوم التي اعتنى بها، كما قدَّم للكتاب بفكرةٍ عن عصره، ومولده، وأسرته، ورحلاته، وعلمه، وشخصيته، واجتهاده، وشيوخه، وكتبه، وتجديده للقرن العاشر.