يعتبر التسامح فضيلة وقيمة مهمة من القيم والفضائل التي حثّ عليها الإسلام، ودعا إلى التحلي بها، وأمر أتباعه بالتخلق بالسماحة والعفو والصفح والرحمة والرأفة والرفق في التعامل والسلوك، وأوصى بالإحسان والبر إلى جميع فئات ومكونات المجتمع حتى يعيش الجميع في أمن وأمان وسلام واستقرار وتعاون ومحبة وانسجام.
ومجتمعنا اليوم بحاجة ماسة وشديدة إلى روح التسامح الفعّال والتعايش الإيجابي بين مختلف المكونات الدينية والمذهبية والفكرية والثقافية المكونة لكيان المجتمع وإطاره العام.
وقد أصبح الحديث عن التسامح ووجوب ترسيخه في المجتمع الإسلامي من الأمور المهمة للغاية لبناء السلام والتعايش بين مختلف المكونات المجتمعية، خصوصاً مع انتشار ظاهرة الإرهاب والتشدد والتطرف والإقصاء والتهميش المنتشرة في العديد من البلدان الإسلامية.
وتعد دراسة منهج الإمام الحسين في التسامح أكثر من ضروري، لما ترمز إليه شخصيته من مكانة وتراث وفكر ومنهج متميز.
إن شخصية الإمام الحسين بن علي شخصية عظيمة ومتميزة وكاملة، وله مقام رفيع، وشأن عظيم، فهو سبط رسول الله
وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، وسفينة النجاة، ومصباح الهدى، والعروة الوثقى، والشهيد الخالد على مرّ الزمان والمكان.
والحديث عن شخصيته ومكانته وفضله ومناقبه يطول ويطول؛ ولكن هذا الكتاب يركزعلى بحث جانب واحد من شخصيته العظيمة وهو نهجه ومنهاجه في التسامح، وتعامله الأخلاقي والإنساني الرفيع؛ وهذا الجانب من شخصيته العظيمة لم يحُظَ بالاهتمام الكافي، ولم يسلط عليه الأضواء كما في جوانب أخرى من شخصيته وسيرته المباركة.