رغم ان التسامح مفهوم اسلامي غني في دلالاته غير ان القراءات المبتسرة للدين ونصوص الذكر الحكيم صورّت التسامح مخلوقا لا اسلاميا، او مفهوما مستوردا للاطاحة بقيم الدين الحنيف. وهي قراءات تشبث بها دعاة العنف والاحتراب، ممن اختزلوا القرآن في بضع آيات نزلت في ظل ظرف خاص، بينما أهملوا مصفوفات قرآنية كثيرة تدعو الى المحبة والوئام ونبذ العنف والدعوة الى الاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.
في هذه الدراسة محاولة لتأسيس نسق قيمي جديد لمفهوم اسلامي عريق اكدته نصوص الكتاب وعضدته السيرة الصحيحة، وارتكز اليه المسلمون وشخص النبي (ص) في علاقته مع الآخر المختلف دينياً، نحن بأشد الحاجة اليه في وقت تفشى فيه العنف باسم الدين والاسلام والشريعة، وصار مألوفا حز الرؤوس وتقطيع الاوصال والتمثيل بجثث القتلى حتى مع المسلم البريء لمجرد اختلافه مذهبيا او سياسيا. بل صار يعرف الاسلام بهذا الممارسات اللانسانية فضلا عن اسلاميتها.