يعتبر طه عبد الرحمن من بين أبرز المفكرين العرب الذين عالجوا مسألة الحجاج، بوصفه أبرز آلية لغوية يستخدمها المرسل للإقناع، ومن حيث هو كل منطوق به موجه إلى الغير لإفهامه دعوى مخصوصة يحق له الاعتراض عليها. ولما كانت اللغة التي يستعملها الحجاج أساسا هي اللغة الطبيعية، فقد عد (أي الحجاج) من وظائف اللغة الأربع، فضلا على الوظيفة الوصفية، والوظيفة الإشارية، والوظيفة التعبيرية.
فالمرسل يستخدم اللغة لغاية الحجاج بالبراهين والتفسيرات. من هذا المنطلق يؤسس طه عبد الرحمن لمفهوم الحجاج بوصفه استراتيجية إقناعية، وعملية خطابية يهدف من خلالها الخطيب تسخير المخاطب لفعل أو ترك بتوجيهه إلى اعتقاد قول يعتبره كل منهما شرطا كافيا ومقبولا للفعل أو الترك، وذلك من خلال كتابيه: (اللسان والميزان أو التكوثر العقلي) و(في أصول الحوار وتجديد علم الكلام). ولعل هذه الورقة تتوسل الكشف عن أهم ما طرحه طه عبد الرحمن من مفاهيم للحجاج بوصفه وسيلة لغوية إقناعية.