“فما لا ريب فيه أن كل المشفقين على مسار الأمة، وكل القوى والتيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية، متفقون على أن أمتنا تعيش في أزمة حقيقية، تعددت أعراضها، وتنوعت آثارها، وإن اختلفوا في تعيين جوهر الأزمة: ما هو؟
أهي أزمة إيمان وأخلاق، كما يصورها دعاة الدين والفضيلة؟
أم هي أزمة فكر ومعرفة كما يصورها رجال الفكر والثقافة؟
أم هي أزمة حرية سياسية وديمقراطية، كما تصورها القوى المعارضة للنظم الحاكمة؟
أم هي أزمة علم وتكنولوجيا، كما يصورها كثير من دعاة الإصلاح، ومن رجال الفكر أنفسهم؟
لقد ردد كثيرون مع شوقي قوله:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا!
ولكن الدكتور زكي نجيب محمود علق على ذلك بقوله:
لولا خشيتي سوء التأويل لعارضت شاعرنا، لأقول له: وإنما الأمم في يومنا التقنيات ما اطردت وتغلغلت، فإن هم انعدمت علومهم وصناعهم وتقنياتهم، تخلفوا إلى حيث لا أمل ولا رجاء، اللهم إلا إذا فهمنا الأخلاق بمعنى يجعل منها أن أعرف كيف يُضغط على الأزرار ومتى.”