وَمِمَّا يُبَيَّنُ بِهِ فَضْلُ أُمَّتِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ – وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَوْنِهِ رَسُولًا صَادِقًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ آيَةٌ وَبُرْهَانٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ، فَإِنَّ كُلَّ مَلْزُومٍ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى لَازِمِهِ:
إِنَّ الْأُمَمَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ لَهُمْ كِتَابٌ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَنَوْعٌ لَا كِتَابَ لَهُمْ كَالْهِنْدِ، وَالْيُونَانِ، وَالتُّرْكِ، وَكَالْعَرَبِ قَبْلَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَمَا مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ بِحَسَبِهِمْ، وَيَقُومُ بِهِ مَا يَقُومُ مِنْ مَصَالِحِ دُنْيَاهُمْ، وَهَذَا مِنَ الْهِدَايَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بَلْ لِكُلِّ حَيٍّ، كَمَا يَهْدِي الْحَيَوَانَ لِجَلْبِ مَا يَنْفَعُهُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ بِاللِّبَاسِ وَالْكِنِّ، وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ حُبًّا لِهَذَا، وَبُغْضًا لِهَذَا.