هناك العديد من الكتاب المسلمين في العصر الذهبي للإسلام من تناولت أقلامهم الحيوان، مثل السجستاني صاحب كتاب الأبل، وأبي عبيدة صاحب كتاب الخيل، لكن معظمهم تناول هذه الموضوعات من وجهة نظر لغوية بحتة، فانصرفوا إلى جمع الشعر والنثر وما ذكر في الكتاب والسنة ويتعلق بالحيوان موضوع كتابهم. لذلك كان منهج الجاحظ في كتابه الحيوان مختلفًا ومميزًا، فهو أول كتاب علمي عربي يتناول الحيوان وسبل معيشته أو العلم الذي يسمى اليوم بالـ Species Ecology، فهو يعرض في كتابه للحيوان ثم يصفه ويصف طرق غذاءه، وأساليب الصيد التي يتبعها إن كان مفترسًا، أو أساليب الهروب والتخفي التي يستخدمها إذا كان فريسة، وتناسله وحاله مع ذريته وما إلى ذلك من موضوعات هي لب ايكولوجي الأنواع، أضف إلى ذلك ما يظهره في أكثر من موضع من كتابه من المامه وأهل زمانه بمفاهيم مثل السلسلة الغذائية وأثر البيئة على النوع وتصنيف الكائنات الحية إلى ممالك. وهو في هذه المقاربة المتقدمة جدًا بالنسبة لزمانة، يحافظ على تقاليد الكتابة في هذا الزمن، فتجده يرصع كتابه بالشواهد الأدبية عم الحيوان الذي يتناوله. وهو وإن كان قد أعتمد في كتابه على أراء أرسطو وبعض أراء غيره من المفكرين، إلا أنه قد أتبع منهجًا فريدًا يحسب من أوليات الجاحظ، فهو لا ينقل نقل حاطب الليل، بل يرجع إلى المشاهدة والمعاينة بنفسه، فإن لم يقدر عليها سأل أهل الاختصاص، فتجده يسأل صيادي السمك عن أمور متعلقة بالسمك، ويسأل المزارعين عن أمور تتعلق بالنحل، وربما رد رأي أرسطو، وهو أمر عظيم في هذا الزمان، لرأي صياد سمك لأن الأخير أعلم بالسمك وسبل حياته من أرسطو