ولكن الثورات الكبرى كالزلازل العظيمة. لا تنتهي إحداها بالزلزلة الكبرى حتى تلحق بها موجات من الهزات يتلو بعضها بعضاً. إلى أن تستقر الأرْض بحملها المنظور وباطنها المستور. وتكتمل رواية المصائر التي اتصلت فيها بسبب. ومنها مصائر أصحابها ومصائر أعدائها سواء. وقد يلقى بعض أصحابها من المصير العظيم مثل ما أنزلوا بأعدائهم. وقد يلقى بعض أعدائها من المصَير المجيد مثل ما يلقى المنتصر, ولو بعد حين, وبعد كفاح طويل مرير. في بُلد ناء آخر من أرض الله؛ وقد ينتهي بعض الصائدين إلى أن يصيروا صيداً؛ وبعض الطاردين مُظرودين.
وفي المقابل قد تنتهي الفريسة المطرودة أن تصير صائدا مفترسا. ويصير الخائف مخيفا, وقد يأتي زمان تستوي فيه الضحية والجلاد. حين تجد الضحية نفسها في حال تعيد معها سيرة جلادها في خصومها المستجدين بعد أن تتمكن , ثم تتذرع بالأسباب نفسها التي تذّع بها جلادوها من قبل؛ وعندئذ لا يفترق الخصوم إلا بقدر ما يتشابهون.وقد لا يجد أحدهما إلا أن يعذر الآخر. أو حتى يعظمه.
في هذا الجزء من الرواية، يتناول العمل فترة أفول دولة بني أمية وصعود دولة بني العباس. وهي فترة لم يتناولها الأدب العربي، فكان لوليد سيف فضل السبق في الكتابة عن هذه المرحلة.
ونعم، قد يكون قارئ التاريخ قد عرف الكثير عن هذه الأحداث. وقد يكون محب الدراما قد رأى أحداث هذه الرواية (وقد كتبها وليد سيف) بعمل من إخراج المخرج العظيم حاتم علي رحمه الله عام ٢٠٠٢. إلا أن لقراءة الرواية وقع آخر.. رواية تلتهمها بأقصى ما استطعت، ولو أنها وقعت بيد متفرغ لانهاها بجلسة واحدة. لعذوبة وانسيابية في لغتها.. ولتشويق واضح في أحداثها..