طوال ما يزيد عن أحد عشر قرنًا من الزمان هو عمر العصور الوسطى ظلت الإمبراطورية البيزنطة (دولة الروم) حاضرة، بحيث لا نستطيع أن نناقش هذه الحقبة التاريخية بمعزل عن تاريخ بيزنطة، والتي تعد واحدة من أكثر الدول ديناميكية على الإطلاق؛ يظهر ذلك في َتَارِيخِها بِكُلِّ زَخَمِهِ السِّياسِيِّ والثَّقَافِيِّ والعِلْمِي، وَما كانَ مِن صِرَاعاتٍ دَاخِلِيةٍ وثَوَرَاتٍ وعَمَلِيَّاتِ تَجْدِيدٍ فِكْرِيٍّ واجْتِماعِيٍّ وَدِينِيٍّ كُبْرَى، وكذلكَ بما كانَ بَيْنَها وبَيْنَ العَرَبِ مِن علاقاتٍ سِيَاسِيةٍ وحُرُوبٍ رَسَمَتْ خَرِيطةَ الدُّنْيا بِأَسْرِها في بعضِ الفَتَرَات. فمن إمبراطورية شاسعة الأرجاء، إلى دويلة صغيرة تقتصر ممتلكاتها على القسطنطينية وسالونيك وبعض المدن اليونانية، ومن الحرب الشرسة على المسيحية إلى اتخاذها دينًا رسميًا للإمبراطورية، ومن صراعاتها مع الفرس وبرابرة روما إلى أن أسقطها السلطان محمد الفاتح.