تحت له الإسكندرية الدافئة جناحيها ضمت عليه ريشها لكن بعد أن بيتته في أفقر أحيائها كان بحاجة إلي أن يشرب من هواء عذب يمشي تحت شمس هادئة يخرج الشوك من لحمه يعصر قلبه بماء زهر الريحان، يجلو عينيه بضوء قمر ولو كان يستطيع العيش تحت ماء البحر لفعل فالأضواء التي تنسكب من المصابيح البيضاء فوق الموج الأسود بالليل، وتنعكس بهية كخيوط الذهب، لابد تجعل الحياة تحت الماء مليئة بالمرح والهواء النقي القادم من البحر الذي يلطف غلة القيظ، لابد أنفاس قوم طيبين وأسفل الماء لن يبحث عن أمه سيدلونه عليها إن كانت هناك أو يعيدونه إلي الشاطئ ويقولون كيف يجدها بسلام لم يكن سهلا أن ينسي، ولكن كان عليه أن يفعل، وقد تمر السنون فتندمل الجراح لكن كيف لمن طاف بالجبال والوديان الحقول والترع المدن والقري النجوع والكفور والمحطات الحزينة لا تقف فوقها القطارات إلا لتسير وتتركها في إهمال؟ في دفق شعري لا يتوقف، يتابع صياد اليمام رحلته في قلب وهامش الإسكندرية، والرحلة كلها تتواتر في ذهنه في يوم واحد، شتوي، وفي مونولوج لا يتوقف ليكتشف صياد اليمام أن كل ما هو موجود غير موجود، ويظل يبحث عنه في تصميم تراجيدي رواية قريبة الصلة من روايتي الكاتب »المسافات« و»ليلة العشق والدم« وإن رقت هنا اللغة وزادت مساحة الروح علي الحس