تحميل وقراءة كتاب العلاقات الدولية بين الإسلام والتشريعات الوضعية pdf مجاناً

الرئيسية المكتبة العلاقات الدولية بين الإسلام والتشريعات الوضعية
العلاقات الدولية بين الإسلام والتشريعات الوضعية
اسم الكتاب: العلاقات الدولية بين الإسلام والتشريعات الوضعية
التصنيف:
عدد الصفحات: 341
سنة النشر: -
2 تحميل

وصف الكتاب

لا ريب في أن ظهور الإسلام في مطلع القرن السابع الميلادي يعد من أهم الأحداث التاريخية في العالم. وقد كانت رسالة الإسلام، منذ بدايتها، رسالة شاملة ودعوة عالمية موجهة إلى جميع الشعوب والأقوام، ففي حقبة وجيزة من الزمان، امتد الإسلام شرقاً وغرباً، ودخل فيه الناس أفواجاً بصورة سريعة، تعد معجزة لا مثيل لها في التاريخ.
وهكذا، جاءت الحضارة العربية إنسانية في مبادئها، دولية في نطاقها، وقد أسهمت إسهاماً بارزاً في الحضارة العالمية، وفي جميع مظاهرها، العلمية والاقتصادية والاجتماعية، واشتهرت، بوجه خاص، بشريعتها الخالدة، التي وضعت نهجاً حياتياً كاملاً، يشمل نواحي الدين والأخلاق والقانون جميعاً

وتفترض الموضوعية العلمية دراسة العلاقـات الدولية والقانون الدولي في الإسلام، وإعطاءهما الاهتمام اللازم. ففي مجال العبادات ثمة غنى فقهي وفكري تشير إليه الحضارة الإسلامية، أما في مجال المعاملات -وخاصة بين الدول- فإن الحال تختلف، والغنى يتراجع.
صحيح أن العلاقات الدولية، علماً، لا تزال حديثة العهد، بيد أن الصحيح كذلك هو ضرورة التعرف على ما أبدعه المسلمون في هذا المضمار بعيداً عن الإنكار أو الادعاء.
وكما يتعرف الدارسون على القوانين القديمة، والحضارات القديمة، في مرحلة ما قبل الميلاد، فإنهم مدعوون إلى دراسة القانون الدولي والعلاقات الدولية في الإسلام. هكذا تتوقف الدراسات عند المدونات القديمة لبلاد ما بين النهرين والهند ومصر وروما، فلماذا لا تتوقف عند الفقه والسياسة في إطار الحضارة الإسلامية؟
من قانون حمورابي، الذي أراد توحيد بلاد ما بين النهرين، إلى قانون مانو ( Manou ) في بلاد الهند لإرشاد طبقة البراهمة، إلى قانون بوخوريس ( Bocchoris ) المصري القديم الذي مهد السبيل للقانون المدني، إلى الشريعة اليهودية التي طبقت على بني إسرائيل، إلى القانون الروماني، وبخاصة قانون الألواح الاثني عشر، الذي جاء تحت ضغط الثورة الشعبية لتحقيق المساواة مع الأشراف… كلها معالم قديمة، صارت ملك الحضارة الإنسانية.
نستدرك بالقول: إن عدداً من الكتاب العرب والمسلمين، بل المستشرقين، كتب عن القانون الدولي والعلاقات الدولية في الإسلام، وبعض هذه الكتابات جدير بالاهتمام[(2)]. لكن الخوض في غمار السياسة الدولية والقانون الدولي العام مسألة مستمرة، فكيف إذا كانت المعاملات الدولية أو العلاقات الدولية، ما تزال محدودة الواقع والأثر في الفكر الإسلامي؟
للإسلام نظرة للعلاقات الدولية تختلف في أساسها عن تلك التي يأخذ بها القانون الدولي الوضعي، فالإسلام أصلاً لا يعترف بانقسام العالم إلى كيانات سياسية ذات سيادة، لكل منها نظامها القانوني في العيش بحيث لا يخضع أي منها لقواعد أعلى إلا إذا قبل القواعد؛ على العكس من ذلك يهدف الإسلام إلى توحيد بني البشر في ظل نظام قانوني واحد هو الشريعة الإسلامية. فالشريعة الإسلامية موجهة للناس كافة، دونما تمييز على أساس الأصل أو العرق أو اللغة. ومن المتفق عليه عند الفقهاء المسلمين أن بلاد المسلمين واحدة، مهما تعددت أقاليمها وتباعدت أمصارها واختلف حكامها.
في السنين الأخيرة، عاد الاهتمام بالإسلام يتزايد باعتباره ظاهرة سياسية واسعة. فمنذ نهاية عقد السبعينيات، أحرز الإسلام السياسي انتصاراً كبيراً في تأسيس أول حكومة إسلامية، في إيران. ومنذ عام 1979، وبقية الدول الإسلامية في مواجهة متزايدة مع الحركات الإسلامية الراغبة بتأسيس دول جديدة تعتمد كلياً على أحكام الشريعة الإسلامية، وإلغاء الأنظمة العلمانية التي تحكم المجتمعات الإسلامية منذ نشوء الدول القومية، بعد عصر الاستعمار.
والدولة الإسلامية، كغيرها من الكيانات السياسية، تقيم علاقات خارجية، تنضم إلى المنظمات الدولية، وتلتزم بالقانون الدولي والمبادئ العامة بوصفها معايير تنظم علاقاتها مع الآخرين. فقد عاد من المستحيل، في العالم المعاصر، الانعزال عن الاتصالات الخارجية، سياسياً واقتصادياً. وحتى أولئك الذين يبدون عداءً للغرب أو غير المسلمين، إذا ما وصلوا إلى السلطة، فسيجدون أنفسهم مجبرين على إقامة علاقات خارجية، وعقد معاهدات واتفاقيات مع الدول غير الإسلامية. إن إدارة الدولة لا يمكنها أن تعتمد على الشعارات الثورية أو الأفكار المجردة، ولا حتى على الحماس الديني، بل بالتعامل بواقعية مع مفردات العصر ومتطلبات المجتمع الذي تدير شؤونه.