بشجاعة فائقة تأتي رواية الأجيال هذه، لتحكي قيام عائلة كبيرة وانهيارها، صعودها وهبوطها، ومصائر الأجيال حين زرعتْ بذرة الشّر فأخذت تتاجر في العبيد الذين تقتلعهم من بين أهلهم وذويهم وتأتي بهم لتقييدهم في الزرائب خوفًا من الهرب.
إننا نكاد نسمع الضمير الفنيّ لكاتبها الصادق والشجاع وهو يواجهنا بالحقائق، فى صورة أحد شخصيات الرواية يقول له: “الكتابة تحتاج إلى شجاعة كما الحياة تمامًا. ويبدو أنك أوقفت حياتك للفرجة دون الخوض في معتركها”
لقد اتخذ المؤلف من الجنوب المصري مسرحًا للحكاية، بما يحمل هذا الجنوب من عبق التاريخ والدين والحكمة والفنّ الشعبي وأساطير الصحراء، والجداريات الشعبية المرسومة على البيوت، والتي جعلها الكاتب مُعادلاً لما يعتمل بداخل أشخاص الرواية، بمقدرةٍ فائقة وبحسّ شفاف.
وإذا كان أحمد أبو خنيجر – مؤلف الرواية – يحكي مصائر البشرّية كلّها من خلال حكايته عن عائلة الرحَّال، فإنه بحسِّه الشفاف يجيد التمييز بين الشخصيات والبيئات حتى جعل لروايته وأشخاصه وأماكنه مذاقًا مستقلا، بل اتخذ هو مذهبًا مستقلا، مصداقًا لكلامه على لسان العمّة: “لكل ابن آدم حكاية تميّزه، خاصّةٌ به، والشخص عديم الحكاية كأنه لم يمرّ بهذه الدنيا. وجودُنا في الدنيا كي نصنع حكاياتنا”