الفتاوى الشاذة : معاييرها وتطبيقاتها وأسبابها وكيف نعالجها ونتوقاها :
ولهذا لا تزال الأمة الإسلامية تسأل علماءها عما يحلُّ لها وما يحرم عليها في المعاملات، وما يشرع لها وما لا يشرع في العبادات، ولهذا أمسى للفتوى سوق رائجة، وخصوصًا في الفضائيات المنتشرة، ودخل فيها مَن يُحسن ومَن لا يُحسن، ورأينا مفتين يوهمون أنهم علماء بكل شيء، ولا يتورَّعون من شيء، ويجيبون عن أعوص المسائل، مما لو عرض على عمر لجمع لها أهل بدر.
ومن هنا كثرت الفتاوى الشاذَّة، التي تصدر من غير أهلها، وفي غير محلِّها، والتي كثيرًا ما ترى المتصدِّرين لها، لا يملكون أيَّ شرط من شروط الفتوى.
وقد بيَّنا في هذه الصحائف معنى شذوذ الفتوى، ومتى تعتبر الفتوى شاذَّة، ومتى لا تعتبر، كما ذكرنا ما لا يعتبر من الشذوذ، وإن اعتبره بعض الناس شاذًّا، وضربنا أمثلة لفتاوى اعتبرت في عصر ما شاذة، ثم قُبلت بعد ذلك، كما بينا أسباب شذوذ الفتوى. ثم كيف نعالجها وكيف نتوقاها؟
كما ذكرنا في هذا البحث: بعض الآراء التي اعتبرها العلماء شاذَّة، مثل آراء الظاهرية التي تمثِّل الجمود والحرفية وإنكار التعليل والقياس، كما في بعض آراء أبي محمد بن حزم؛ رغم عبقريته التي يعترف بها كلُّ مَن قرأ آثاره، وعرَف موسوعيته الفريدة