تدور المسرحية عن الأفكار الثورية المثالية، التي ما أن تتحقق على أرض الواقع حتى تبدأ آفة الديكتاتورية في الظهور، والقبض على كل شيء، حتى أن الحالم الثوري يصبح في النهاية أحد ضحايا هذه الآفة، من خلال لحظة فارقة تكمن في اكتشافه حقيقة ما كان ينتوي وما حدث بالفعل.
المسرحية بها إسقاط واضح وصريح على عبد الناصر واتباعه.
مجموعة يترأسها زعيم شاب، يتسرب أفرادها داخل إحدى المؤسسات (مؤسسة السعادة الكبرى) ويحكمون قبضتهم، حتى يعزلون رئيسها، ويتولى الثوري الشاب زعيم التخطيط سلطة إدارة المؤسسة، لتصبح (مؤسسة السعادة الحقيقية) فما تغيّر هو الاسم فقط.
ويرى الزعيم أن المدير السابق ما هو إلا زعيم الانتهازيين، ومن الأفضل الإبقاء عليه بدلاً من تسريحه وإعادته إلى بيته.
تبدأ المفارقة حينما يكتشف الزعيم الشاب أن هذا التخطيط الذي طال كل شيء، وأن اللونين الأبيض والأسود المعتمدين فقط لدى الجميع ليس هما كل شيء ــ الرمز هنا للفكر الواحد الذي ينفي التعدد والاختلاف ــ هنا يشعر الزعيم بمدى الوحدة والكذب الذي كان يتوهم أنه حقيقة في البداية، إلا أن رفاقه يثورون عليه بعدما تفانوا في خدمة أفكاره، ويزورون خطاباته للناس، ويعود مرّة أخرى زعيم مؤسسة السعادة الكبرى هو الزعيم الحقيقي والفعلي.
فلم يحدث شيء لأن فرض الأفكار بالقوة رغماً عن إرادة الناس هو تسلط وفساد تماماً، مثلما كان الفساد الذي ثار عليه أو انقلب عليه أصحاب الرؤية الجديدة، التي لم تختلف عن سابقتها، بل أصبحت أعنف وأشرس وأشد.
ترسيخ فكرة الخطأ
سمح النص للزعيم او متزعم الحركة بمراجعة أفكاره، ومحاولته الرجوع عنها، لكن الخطر الأكبر يأتيه من رفاقه وما حققوه من مكاسب ومكانة في الحياة، لا يستطيعون التخلي عنها بسهولة، وهكذا يختار “يوسف إدريس” الحل الأسهل دوماً، بأن نتعاطف مع صاحب الخطأ، وان نلوم مَن يحيطونه، هذه الفكرة التي لازالت تتعايش في رؤوس الكثيرين من أتباع “عبد الناصر”، أو المؤمنين بأفكاره، وفي الوقت نفسه يرون الأخطاء بعيده عنه ولو بمسافة تقبلها عقولهم!