ملكة شطرنج تذبح بوحشية في دوامة غضب عاصف. أهي مأساة؟ من صنعها؟ أهو والد الراوي، ذلك الأب الوديع، الشاعر الصوفي المحترق عشقًا في حضرة السناء الإلهي؟ أم ذاك الآخر الذي ينبغي التوغل في أنساب الشر لإدراك هول رعبه أمام اللات، تمثال إمرأة الغرانيق الأولى، صنم الضآلين؟ أم إنه، على الأرجح، ذلك الدخيل، الراعي القديم الذي سيحول صالون الشاي الفسيح-مدينة الراوي، ثكنة عسكرية؟
ثمة سر يعبر العصور، فضًا وجوهريًا ولا مناص من جبروته!
لكن، من هي، في البدء، تلك الملكة المبقورة؟ ملكة شطرنج شطرت نصفين وضمدت بسبعة أطواق من شريط لاصق؟ أم الملكة الأم-أم الراوي؟ أم معشوقته إبتهال؟ أم عنقاء تنبعث من رمادها؟..
مدينتان في هذه الرواية: روان والشيخ عثمان، ضاحية عدن. “مدينتان تتعارضان وتتكاملان، وتتجاهل كل منهما الأخرى، وتتغاضى الواحدة عن الأخرى، وهما مع ذلك أحرى بالجمع والتوأمة والتشبيك والتضافر والمزج والعناق والعشق والذوبان والإندماج والتوحد. فمن تهجينهما تولد إبنة النار والماء، أجمل الفتيات وأكثرهن فتنة وسحرًا” .بيد أن مدينة واحدة تسكن جميع أنسجة “الملكة المبقورة”. إنها المدينة-الجمل، التي قيل عنها: “أن تحيا في الشيخ عثمان يعني أن تنسى الزمان. قبل أن تموت عجوزًا في الأربعين، كل يوم منها أبد الآبدين”.