كان السؤال الّذي يؤرّق تولستوي بإستمرار: ما الهدف من حياة الإنسان؟ وطفق يبحث في طباع البشر، فوجد أنّ كل شيء في الكون ينمو ويتطوّر ويسعى إلى تحقيق غايةٍ كلّيّة قد لا تدركها العقول إلاّ بعد حين، واستنتج أنّ الهدف من الحياة، إذن، هو “العمل الدؤوب لتوفير كلّ المؤهّلات التي تتيح لهذا التطوّر الشامل أن يحقّق غايته”.
وأيقن أنّ ذلك لا يمكن أن يتمّ إلاّ بالجدّيّة المطلقة، والنظام الصارم، حيث قال في رسالة إلى أحد أصدقائه: “على المرء أن يعيش بشرف وكرامة، وأن يتمتّع بقوة، وأن يصارع كل المثبّطات، فإذا أخطأ بدأ من جديد، وكلّما خسر عاود الكفاح من جديدٍ، موقناً أنّ الخلود إلى الراحة إنّما هو دناءة روحيّة وسقوط”.
تعمّق تولستوي في القراءات الدينية، وقاوم الكنيسة الأرثوذكسيّة في روسيا، ودعا للسلام وعدم الاستغلال، وعارض القوّة والعنف بشتّى صورهما، ولم تقبل الكنيسة آراء تولستوي الّتي انتشرت بسرعة، فكفّرته وأبعدته عنها، وأعجب بآرائه عدد كبير من الناس، وكانوا يزورونه في مقرّه بعد أن عاش حياة المزارعين البسطاء تاركاً عائلته الثريّة المترفة