إن يكن كل ما فعله فرويد في نظريته عن الهفوات وعن الأحلام أنه قدّم مدخلاً إلى التحليل النفسي، فإنه في نظريته عن الأمراض العصابية يطرق لب الموضوع ويعرض جوهر التحليل النفسي ومادته النوعية. والفتح الكبير للتحليل النفسي، بالمقارنة مع الطب العقلي التقليدي، أنه ميّز الأمراض العصابية عن جملة الأمراض العصبية وأرجع منشأها إلى الصراع الداخلي الذي يدور في لاشعور الإنسان بين غرائز الأنا والغرائز الجنسية، بين مبدأ الواقع ومبدأ اللذة.
والمحاضرات الثلاث عشرة التي يتألف منها هذا الكتاب تتميز، كسائر المحاضرات التي ألقاها فرويد تحت عنوان “المدخل إلى التحليل النفسي“، بطابعها التعليمي الواضح والشامل الذي يجعلها في متناول المبتدئ، علاوة على المختص، وهي في الإجمال تُقدم أكمل عرض لعلم أسباب الأمراض العصابية ومغزى أعراضها وطريقة معالجتها، وأمتع وصفٍ للعديد من الحالات التي يعود إلى التحليل النفسي وحده فضل شفائها أو كشف معناها.
بقراءة “النظرية العامة للأمراض العصابية” يدرك القارئ لماذا استحق التحليل النفسي أن يلقَب، عن حق، بعلم نفس الأعماق البشرية.