ينهض النموذج بدور محوري في تحديد القدوة في حياة الأسرة والمجتمع، وفي الميدان الثقافي لابد من وجود لهذا النموذج والانتماء إليه؛ لهذا يعرض لخصائص النموذج الثقافي الإسلامي، مناقشًا التوحيد والاستخلاف والخلافة والتعددية ودوائر الانتماء المختلفة ومصادر المعرفة وسبلها وقيمة العقلانية المؤمنة ومكانة المرأة من الرجل والذات والآخر والتجديد والاجتهاد.
بدأ الدكتور محمد عمارة بالحديث عن النموذج الثقافي المثالي الإسلامي الذي يجب أن يتحلى به المثقفون، مع ذكره وتأكيده على أهم مميزات النموذج الثقافي الإسلامي لأنه نابع من الحقائق والقوانين الشرعية والعقيدة الإسلامية التي لا تناقض فيها، فالإسلام هو المكون لذاتيتنا الثقافية والمحدد لمعالم نموذجنا الثقافي، وكما يقول الدكتور محمد عمارة إن تميزنا عن “الآخر” الغربي قائم فقط حيث يكون التميز والافتراق… الأمر الذي يجعل علاقة نموذجنا الثقافي -الذات الثقافية-بالآخر هي علاقة التميز والتفاعل، التي هي وسط عدل متوازن بين غلوّين: غلو الإفراط الذي يرى هذه العلاقة علاقة قطيعة وتضاد وغلو التفريط الذي يراها علاقة مماثلة ومحاكاة، وهذه هي حقيقة من حقائق علاقة “الذات الثقافية” بــ “الآخر الثقافي” وهي علاقة التميز والتفاعل لا القطيعة والتضاد ولا المماثلة والمحاكاة وقد غدت هذه الحقيقة عبر التاريخ قانونًا لحكم التقاء واحتكاك وتدافع الثقافات في سياق تدافع الحضارات.