للإمام الغزالي في الفقه “البسيط” وهو كتاب موسع لخصه في كتابه هذا الوسيط بنسبة الشطر والنصف بحذف الأقوال الضعيفة، والوجوه المزيفة، والتفريعات الشاذة النادرة، وزاد في ترتيبه وتنقيحه، وهو كتاب شامل لأبواب الفقه كافة. وهو الكتاب الوسط بين “البسيط” المطوّل، “والوجيز” المختصر. وفيه تعداد للأركان وللشروط ثم شرحها، واستدلال بالنصوص .
وَفِيه ثَلَاثَة أَبْوَاب
– صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – الْبَاب الأول فِي أَرْكَان الِاسْتِحْقَاق – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – وهى ثَلَاثَة الْمَأْخُوذ والآخذ والمأخوذ مِنْهُ الرُّكْن الأول الْمَأْخُوذ وَهُوَ كل عقار يجْبر فِيهِ على الْقِسْمَة أما قَوْلنَا عقارا احترزنا بِهِ عَن المنقولات فَلَا شُفْعَة فِيهَا إِذْ لَا يتأبد الضرار فِيهَا فَلم تكن فِي معنى الْعقار نعم يستتبع الْعقار الجدران وَالْأَشْجَار لاتصالها بهَا على التَّأْبِيد وَلَا يتَعَلَّق حق الشَّفِيع بالثمار المؤبرة وَسَوَاء تأبرت بعد العقد أَو حَال العقد مهما كَانَت مؤبرة عِنْد الْآخِذ وَإِن لم تكن مؤبرة فَقَوْلَانِ سَوَاء كَانَت مَوْجُودَة حَالَة العقد أَو وجدت بعده إِذا بقيت عِنْد الْآخِذ غير مؤبرة أَحدهمَا يَأْخُذهُ الشَّفِيع لِأَن مَا يتبع فِي العقد يتبع فِي الشُّفْعَة كأغصان الشّجر وَالثَّانِي لَا لِأَن الأغصان تبقى فِي معنى الثوابت بِخِلَاف الثِّمَار وَأما قَوْلنَا يجْبر فِيهِ على الْقِسْمَة احترزنا بِهِ عَن الْحمام والطاحونة والبئر الَّتِى يسقى بهَا النَّوَاضِح إِذا كَانَت صَغِيرَة فَلَا شُفْعَة فِيهَا إِذْ لَيْسَ فِيهَا ضرار مُؤنَة الْقِسْمَة وتضييق الْمرَافِق وَهُوَ منَاط الشُّفْعَة ولأجله لم تثبت للْجَار
الرُّكْن الثَّانِي الْآخِذ وَتثبت الشُّفْعَة لكل شريك فِي الدَّار وَإِن كَانَ كَافِرًا إِلَّا إِذا كَانَت شركته بِالْوَقْفِ فَإِن قُلْنَا لَا يملكهُ الْمَوْقُوف فَلَا شُفْعَة وَإِن قُلْنَا يملك فَوَجْهَانِ مبنيان على أَنه هَل يقسم الْوَقْف وَالْملك وَلَا تثبت للْجَار وَإِن كَانَ ملاصقا وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله يثبت للْجَار ووإن لم يكن شَرِيكا وَقيل للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَول مثله وَحكي عَن ابْن سُرَيج وَهُوَ غير صَحِيح نعم لَو قضى حَنَفِيّ لشفعوي بِهِ فَهَل يحل لَهُ بَاطِنا فِيهِ وَجْهَان فرع الشَّرِيك فِي الْمَمَر إِذا لم يكن شَرِيكا فِي الدَّار لَا شُفْعَة لَهُ فِي الدَّار
الرُّكْن الثَّالِث الْمَأْخُوذ مِنْهُ وَهُوَ كل من اسْتَفَادَ الْملك اللَّازِم بمعاوضة فِي الشّقص الْمشَاع أما الْمُعَاوضَة فقد احترزنا بهَا عَن الْهِبَة فَلَا شُفْعَة فِيهَا كَمَا فِي الْإِرْث لِأَنَّهُ لَا عوض حَتَّى يُؤْخَذ بِهِ وَقَالَ مَالك رَحمَه الله يُؤْخَذ بِقِيمَتِه وحوينا فِيهِ الشّقص إِذا جعل أُجْرَة فِي إِجَارَة أَو صَدَاقا فِي نِكَاح أَو عوضا فِي خلع أَو كِتَابَة أَو صلح عَن دم أَو مُتْعَة فَيُؤْخَذ بِالشُّفْعَة بِقِيمَة مُقَابِله فَإِن الشَّرْع قد قوم جَمِيع ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا يُؤْخَذ إِلَّا الْمَبِيع وَقَوْلنَا بمعاوضة احترزنا بِهِ عَن الْملك الْعَائِد بالإقالة وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذ بِالشُّفْعَة كَمَا إِذْ أسقط الشَّفِيع حَتَّى بَاعَ المُشْتَرِي وَعَاد إِلَيْهِ بإقالة فَلَا يَتَجَدَّد الْحق لِأَن الْعَائِد هُوَ ملك المُشْتَرِي بذلك الشِّرَاء فَلَيْسَ حَاصِلا بِخُرُوج