لا بطل سوى الموت. لا قصص يرويها الناس سوى عنه. كلّ شيء قابل للنسبية والاحتمال، إلا بطولة الموت المطلقة. أو لحظة خارجة عن السياق الزمنيّ، هي تلك اللحظة التي كنّا نجتاز فيها الأسلاك الشائكة ليلا. نعبر التيه إلى التيه، حيث حفر الشباب بوابة لمرورنا. كنا نركض حينا، ونسير على مهل حينا آخر. تلك اللحظة المتأرجحة في سؤال المنفى والوطن. هناك على طرفي السياج، كانت الأجساد تخرج فجأة من الظلام، ونسير كالعميان. تحتكّ كتفٌ بأخرى. نسمع صوتا يقول: “مساء الخير”. صوت يروح، وصوت يأتي، وكأننا قطط سود، لكنّ عيوننا لا تلمع. المسافة الحدودية التي صار السوريّون يختفون في الليل تحتها، ليست كبيرة. يدخل ناس ويخرج ناس، يتقاطعون عند مسافة سلام الليل.