هذا الكتاب حين يعرك إلى علماء القرن الرابع عشر الهجري في هذه الرقعة من الأرض العربية هو بحث عن هذه الجذور، ورؤية الثمار التي ننعم بها اليوم في صورتها الأولى. وتدركك هذه القناعة وأنت تقرأ هذا الكتاب أو تتوقف -لو استطعت التوقف-عند نماذج منه. ويستقر في نفسك أن الذي ننعم به في الجو الثقافي مدين في جوانب كثيرة منه إلى هذه النماذج من العلماء. وهي النماذج التي كان نشر المعرفة هدفها الأول، تنذر له ذاتها، وتقصر عليه جهدها.. تبدأ به وتنتهي إليه.
ويصاحبك وأنت تقرأ الكتاب صور من هذا الجهد الذي بذله المؤلفان في تجميع مادته من هنا وهناك، وقد اندثر منها ما اندثر، وبقيت أطلاله المتناثرة دليلاً عليه. ولم تقتصر المصادر التي استخدمها المؤلفان على ما هو مكتوب أو منشور، وإنما عمدا إلى إحياء المصدر الشفوي -على ما يداخله أحياناً من الحاجة إلى التثبيت- فكانت له هذه المصادر الحية يسألونها فتجيب، ويستنطقونها فتنطق..