يعنى هذا الكتاب بالأدب، ذلك الإبداع المدهش، الساحر الغرائبي، الممتع، الغامض، الفريد، المتجدد الذي شغل المجتمعات الإنسانية جميعاً وشكل البطانة النفسية (الجمعية) لها، والطاقة الروحية التي يعاد اكتشافها وقراءة سيمائها وفحص مفاهيمها في كل عصر وحين. وليس أدلّ على سحر هذه الظاهرة الإبداعية من حيرة أدباء الأمم ونقادها وتباينهم بإزائها وتبلبلهم في وصفها وتحليلها؟ ومنهم أدباء العربية ونقادها، سلفنا الصالح، الذي شبَّه جمالها تارة بحسن الوجه الذي يحس ولا يوصف وأخرى بالجمال الذي تحيط به المعرفة ولا تدركه الصفة وثالثة بكونه حمّال أوجه، وغير تلك من المواقف والأوصاف التي إن عبّرت عن شيء فإنما تعبّر عن جانب مما يحسّ به متلقى الأدب وقارئه وهو يصطدم بعناصر الدهشة ومظاهر الإغراب الآسرتين. ولعل من المهم القول إن القيمة الإبداعية للنص كانت منطلق المؤلفان عبد الله إبراهيم وصالح هويدي في اختياراتهم للنصوص الإبداعية التي حوى هذا الكتاب تحليلاتها هذا إلى جانب مراعاتهم لعنصر القصر والإيجاز، وذلك لتوفير فرصة اختيار أكبر عدد ممكن من النصوص والممارسات النقدية معاً.