يعتبر كتاب تطريز شرح حديث أبي الدرداء لابن رجب الحنبلي من المراجع الهامة بالنسبة للباحثين والمتخصصين في مجال دراسات الحديث الشريف؛ حيث يقع كتاب تطريز شرح حديث أبي الدرداء لابن رجب الحنبلي في نطاق علوم الحديث الشريف والفروع وثيقة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي.
عن قيس بن بشر التغلبي، قال: أخبرني أبي – وكان جليسًا لأبي الدرداء – قال: كان بدمشق رجلٌ من أصحابِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يقال له سهل بن الحَنْظَلِيَّةِ، وكان رجلا مُتَوَحِّدًا قَلَّمَا يُجالس الناسَ، إنما هو صلاةٌ، فإذا فَرَغَ فإنما هو تسبيحٌ وتكبيرٌ حتى يأتيَ أهله، فمَرَّ بنا ونحن عند أبي الدرداءِ، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ. قال: بَعَثَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ، فجاء رجلٌ منهم فجلسَ في المجلسِ الذي يجلسُ فيه رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال لرجلٍ إلى جَنْبِهِ: لو رأَيْتَنَا حين الْتَقَيْنَا نَحْنُ والعَدُوُّ، فحمل فلانٌ وطَعَنَ، فقال: خُذْهَا مِنِّي، وأنا الغُلامُ الغِفَارِيُّ، كيف تَرَى في قوله؟ قال: ما أُرَاهُ إلا قَدْ بَطَلَ أَجْرُهُ. فسمع بذلك آخر، فقال: ما أَرَى بذلك بَأْسًا، فَتَنَازَعَا حتى سَمِعَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال: «سبحانَ اللهِ؟ لا بَأْسَ أَنْ يُؤْجَرَ ويُحْمَدَ» فرأيتُ أبا الدرداء سُرَّ بذلك، وجَعَلَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إليهِ، ويقول: أَأَنْتَ سمعتَ ذلك مِن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ فيقول: نعم، فما زَالَ يُعِيدُ عليه حتى إني لأقولُ لَيَبْرُكَنَّ على رُكْبَتَيْهِ، قال: فَمَرَّ بنا يومًا آخَرَ، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ، قال: قال لنا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «المُنْفِقُ على الخَيْلِ، كالبَاسِطِ يَدَهُ بالصدقةِ لا يَقْبِضُهَا»، ثم مَرَّ بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الأَسَدِيُّ! لولا طُولُ جُمَّتِهِ وإِسْبَالُ إِزَارِهِ!» فَبَلَغَ ذلك خُرَيْمًا فَعَجِلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فقطع بها جُمَّتَهُ إلى أُذُنَيْهِ، ورَفَعَ إِزَارَهُ إلى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. ثم مَرَّ بنا يومًا آخرَ فقال له أبو الدرداء: كلمةً تَنْفَعُنَا ولا تَضُرُّكَ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إِنَّكُمْ قَادِمُونَ على إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، وأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حتى تَكُونُوا كَأَنَّكُم شَامَةٌ في الناسِ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يحبُ الفُحْشَ ولا التَّفَحُّشَ».