إن مما يتسم به المجتمع العربي خاصة والإسلامي عامة في مرحلة تطوره الحديث ظاهرة العودة إلى الذاتية بعد عهد ضياع وغيبوبة أعقبه عهد فتنة وتبعية لا يزال يسود كثيرا من البيئات في هذين المجتمعين. إن العودة إلى الذات تبدأ من الرغبة والشعور المتميز ثم تمر بمرحلة البحث والتلمس عن معالم التراث في شتى مجالات الفكر وميادين السلوك وآفاق الحضارة لتنتهي بمرحلة تحقيق الذات والإسهام الإيجابي حوارا أو صراعا على الصعيد العالمي الإنساني.
إن هذا البحث الذي قام به الأستاذ ماجد الكيلاني يمثل هذه الظاهرة ظاهرة العودة إلى الذات في مرحلة البحث لتحديد المعالم وبعث التراث ليكون حيا متكيفا مع ظروف الحياة المعاصرة وذلك في أهم الميادين وهو ميدان التربية بعنصريها العلمي النظري والعلمي السلوكي. إن لهذا البحث عن أصول التربية الإسلامية ثم عن صياغتها في نظرية أو نظريات عبر العصور التاريخية أهمية بالغة. ذلك أنه يفسح المجال أولا لتحديد موقع التربية الإسلامية ونظرياتها في تاريخ التربية وأنه من جهة ثانية بعث وإحياء لنظرة في التربية يحتاج إليها أشد الحاجة حاليا المجتمع الإسلامي عامة والعربي خاصة فيصوغها مراعيا اعتبارات العصر وظروف الحياة.