ولكن ما طبيعة المأزق الذى يواجهه البطل سالم عبيد فى “تلك الأيام“؟ الإجابة تحتاج إلى أن نرجع إلى الحركة الاستهلالية من حركات سرد الرواية, ففيها القرينة البلاغية على أفق التمثيل الرمزى للشخصية, وذلك منذ الوهلة الأولى التى نرى فيها البطل ساعيا إلى لقاء الإرهابى القديم عمر النجار: نقيضه ومرآته, وأول ما يطالعنا منه فى حركته الاستهلالية هذه وصف عينيه المتعبتين اللتين لا تقويان على مواجهة ضوء النهار الشديد.
وهو وصف يرهص بحركة الشخصية التى تسعى إلى لقاء الإرهالى لهدف موضوعى هو دراسة ظاهرة الإرهاب, والتحديق فى حالة دالة من حالات أبطالها, وهدف ذاتى يرتبط بطبيعة الشخصية التى لاتقوى على المواجهة الحدية أو التحديق المباشر فى الضوء الشديد لعالمها الفعلى, على الأقل من منظور المجاز المرسل للوصف.
ونعرف من التقديم بالغ الإيجاز للرواية أن سالم عبيد شخصية عبقرية غير عادية, يفعل أحيانا أشياء عجيبة غير متوقعة, أو يدبر خططا يتحكم بها فى مصائر من حوله, مثل تلك الخطة التى دبرها لزوجته مع الإرهابى القديم, وهو واثق تماما من نجاح خطته, ما هذه الخطة؟ وما المقصد منها؟ وهل نجحت؟ تلك هى الأسئلة التى نبدأ منها متابعة حركة سالم عبيد يبدو بعيدا عنا لكنه سرعان ما يغدو عالمنا الذى نعيشه بأكثر من معنى.