ي الأغلب الأعم تكون مهمة قراءة كتاب يتكون من أكثر من 600 صفحة أمر عسير على القلب والعقل والعين، ولكن سحر الكون يسطع ويتجلى عندما تجاهد كي تتحكم في إيقاع القراءة، تجد عند نهاية المائة الأولى، وتغتر بأن ما زال في المتعة أكثر من خمسمائة صفحة اخرى، ثم أجد نفسي فجأة عند المائة الرابعة، لأبدأ في مواجهة حقيقة فرب انتهاء أفيون قلبي، فأبدأ بإجبار القاريء على التمهل، كأنى أحاول أن أرواغ الواقع، متمنيا بعناد الأطفال أن ذلك سيزيد من طول المخطوطة بشكل ما،… ثم… ثم أجدني مجذوبا مرة أخرى إلى روعة التعبيرات، ، إلى دقة اختبار الكلمات… هل قلت دقة؟ لا هي ليست دقة، بل هي أقرب إلى كرم اللغة التي وجدت أن لها عاشقا بلغ بعشقه درجة، رأت معها أنه يستحق أن تهديه لجامها، فأصبحت خيولها تعدو إليه عدوا حثيثا في خطاه متسارعا في ايقاعه، كي يصطاد منها ما يشاء من صور وأشكال قل أن تتنازل وتعطيها لمن كان دونه في درجة العشق…إلى أبطالٍ لم يروا يومًا في الوطن غنيمة ..فجـادوا بأنهار الدم ليبعثوا فيه القيمة إلى شهداء ملحمة السابع عشر من فبراير نزيفُ يشهد كيف يعيد التاريخ نفسه