فلسفتا الحياة والموت تلتقيان في أحد المستشفيات في موكب وجداني إنساني مهيب تسير فيه معاني القصيبي وعباراته المنسوجة بخيوط الألم المتصاعد عند مواجهة الموت الآتي زحفاً كحقيقة لا مندوحة عنها، ولا هروب منها. في هذه الأحايين كرّ وفرّ، هروب ومواجهة، انكسار وانتصار، خيال وواقع، وهم وحقيقة تعلنها حكاية حب مستر عريان الراقد على سريره الذي مثل محطته الأخيرة في هذه الحياة حكاية وشخصية يحمّلها القصيبي ما يحلو له الشدو به “كتبت اسمك على موتي كتبته في غياب الموت…” وليحكي ما يتفاعل داخله كإعصار على صفحات السياسة في “سنوات الإعصار” “أمسك بصورة الزعيم وأزالها من الجدار، ورمى بها على الأرض، وقف يتأملها. ثم بدأ يخاطب الزعيم: أيها القاتل السفاح! إلى متى سوف تستمر في قتل الأبرياء؟” وليهمس ما شاء له في الحب وقضاياه في “دار السرور” وكأن القصيبي ذلك الهارب في دهاليز الإنسان في لحظات الانعتاق حيث لا رقيب ولا حسيب، وحيث تصطخب صور الحياة بكل ألوانها، وبكل أبعادها: الاجتماعية والأخلاقية، الجسدية والروحية، الفلسفية والعلمية، تصطخب نابضة بوقع الحياة في سويعات قبل غروبها. والقصيبي بعين المتأمل عند ذلك الغروب يرسم الصورة… ولكن بألوان قلمه الذي يتشظى عبارات تحمل من المعاني عميقها، وتحمل الألم الساكن وتداعياته، والنفس في مساحة وداع الحياة ووتغيراتها، والروح في مدارجها عند دنو الغياب.