“أية مشاعر للفرح يحملها قلب الإنسان؟ أية غبطة حقيقية يمكن أن تنفجر في عروقه؟ أية أشياء جامحة غزيرة تهب في لحظة صغيرة؟” هكذا هو عبد الرحمن منيف حين ترك الجسر، هكذا هي مشاعره، ففي لحظات العشق تنفجر وفي لحظات اليأس، والفشل والفرح والنشوة أيضاً وأحاسيس لا حدود لها، تتداخل تلك الأحاسيس في أية لحظة وتنطلق عند عبد الرحمن منيف رؤىً… تتجسد حكماً وفلسفة تصور الإنسان بتجلياته، بأفكاره وأوهامه، وفي صراعه مع الوجود ومع ذاته.
“حين تركنا الجسر” رواية أبطالها صياد وكلب وبطة، وفي لحظة من اللحظات يضحى هؤلاء حكيم ووزير وملكة، ومنولوج متوزع المعاني والنغمات، يدور ومع ذاته في داخل الصياد زكي نداوي، يستنطقه المنيف ليشيد عالم الإنسان في كل حالاته، التي تتأتى مع تواتر نغمات المنولوج الداخلي وهي تتصاعد حيناً لتعلن خيبته… وغضبه، وتهدأ أحياناً معلنة سلاماً بين الإنسان وذاته مطلقة العنان لفلسفة كحلم لا تنتهي في عالم عبد الرحمن منيف الروائي