دوّنتُ أبحاث ھذا الكتاب، على فتراتٍ متقطعة، بين عاميّ 1986 و 2011 ، أي على مساحة زمنية تربو على ربع قرنٍ من الزمان، تقلبت فيھا بين أنحاء قارات ثلاثة.
لكنّ طبيعة الترحال، التي ما زالت تلازمنى معظم سنيّ عمرى، لم تقف عقبة في سبيل حِرصى على متابعة ما يدور في جانب الثقافة والفكر الإسلاميّ، وما تفرزه قرائح من يحب الإعلام أن يسميھم”المفكرين الإسلاميين”. ويعلم لله كم أكره ھذا التعبير، لأنه لا يمت للإسلام بصلة من ناحية، ولأنه يُحدث طبقة برجوازية فكرية، لا تمت للمسلمين بصلة، من ناحية أخرى. فالإسلام دين العملية، كما عبّر القرآن عنھا “خذ الكتاب بقوة”، أي العمل بما فيه، لا إفراز فكرٍ مُعطّلٍ، لا ينشأ عملاً ولا يدفعُ حضارة.
وقد تتبعت في ھذه المجموعة من الأبحاث، ومجموعھا ستة وثلاثين بحثاً، عدداً من المفاھيم التي حُرّفت عن أصلھا وأُخرجت عن مسماھا، ليكون أسھل على من حرّفھا أن يتلاعب بمضمونھا ومحتواھا، أو إضافة مفاھيم جديدة مستحدثة، يظھر للقارئ المتعجل أنھا ذات صلة بالإسلام، وما ھي منه. ومن ذلك مفاھيم الوسطية والمواطنة والتجديد والتعددية والحداثة، وغيرھا من التعبيرات، التي شاعت مؤخراً في كتابات “المفكرين”، فخلطت حقاً بباطل، وزينت فاسدا بصحيح.كذلك، فقد تناولت العديد من الموضوعات التي تتعلق بالعقيدة أو بالشريعة أو ما ينشأ عنھما، من موضوعات فقھية، أو مناقشة للبدع والإنحرافات العقائدية، فبيّنت فيھا مذھب أھل السنة والجماعة، أو شٮحت فيھا ما تتناوله، وبينت خطأ من أخطأ في عرضھا، وصواب من أصاب.
كلّ ذلك من منطلق الدفاع عن الشريعة الغراء، التي غفل عن عظمتھا وإحاطتھا الناس، لاسيما “المفكرون الإسلاميون”، فراحوا يدورون حول مفاھيمھا، يحاولون أن يطَعِّمُوھا بمفاھيم بدعية خبيثة، وكأنما يحتاج دين لله إلى الدعم والتثبيت من تلك الأفكار الوضعية المنحرفة. وإنة لأدعو لله سبحانه أن يتقبل منى ھذا العمل، خالصاً لوجھه، وأن يجعل صوابه، الذي ھو فضلٌ منه، في ميزان حسناتي، وأن يعفو عن خطئه، فإنه مني ومن الشيطان.