خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين كافة بقوله: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول من عريته، والرجل راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة عنه، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”. ويفهم من هذا الحديث الشريف أن المسلم مسؤول مسؤولية عينية عن مصلحة المسلمين في دوائر قد تتسع وقد تضيق بحسب المواقع الذي يكون فيه.
وتقتضي مسؤولية الرعاية هذه أن يتصرف المسلم بمبادرات في الرأي يصوغ بها الرعاية صياغة عملية تحقق مصالح الرعاية في الواقع بحسب ما تقتضيه الظروف المنقلبة للزمان والمكان، فيصبح إذن إبداء الرأي من المسلم مسؤولية واجبة بحكم لزومها للرعاية الواجبة.
في هذا الإطار يأتي البحث بين يدينا والذي يهدف إلى إثبات أن حرية الرأي وهي المبدأ القرآني ليست عامل فرقة بين المسلمين كما تخوف المتخوفون منها فعطلوها أو كادوا، واستثمر ذلك منهم المستبدون في الفكر والسياسة، وإنما هي على العكس من ذلك عامل وحدة من أقوى عواملها، وسيبين ذلك من خلال مظهر واحد من مظاهر الوحدة الإسلامية، وهي الوحدة الفكرية، باعتبار أن الوحدة الفكرية تعتبر من أهم الأركان في وحدة الأمم عامة، ووحدة الأمة الإسلامية خاصة. فكيف تكون إذن حرية الرأي عاملاً مهما في الوحدة الفكرية للمسلمين؟