“تعد قضية الأجناس الأدبية من أقدم وأعقد مشكلات الشعرية المطروحة منذ أرسطو وأستاذه أفلاطون. ومازال الجدل قائما والنقاش محتدما حول مفهوم الجنس والنوع الأدبيين، والفرق بينهما، والأسباب التي تساهم في بزوغ وانتشار نوع دون آخر، أو تلاشي واندثار نوع ما، والعلاقة بين مختلف الأنواع والأجناس، وبين الأدب والفنون الأخرى، أو بينه وبين مظاهر الحياة المختلفة.
وفي الوقت الراهن تثير هذه المسألة إشكالات نظرية ومعرفية كثيرة تتصل بتحولات الأدب وأشكاله، ما جعلها من أخصب المواضيع التي فرضت نفسها في المجال النقدي. ويعود ذلك لأسباب كثيرة أهمها تداخل أجناس الأدب مع بعضها البعض، خاصة بعد التجارب الجمالية التي حصلت بين الشعر والنثر في السنوات الأخيرة، والتي تقلصت من خلالها المسافة بين جنس الشعر وجنس النثر حتى أصبح الشعر نثرا والنثر شعرا.
ومن ثم فقد أصبح البحث في نظرية الأجناس الأدبية اليوم أكثر من ضرورة، لقدرته على الكشف عن العوالم الخفية في بناء الأدب وتحولاته. والنقد العربي المعاصر يبدو بعيدا جدا عن البحث الأجناسي مقارنة بما وصل إليه النقد الغربي في هذا المجال، ومتأخرا تأخرا كبيرا عن الدراسات العلمية المتعلقة به، بسبب قلة البحوث المنجزة بهذا الخصوص.