كنت في قعر الوادي لا أملك إلا أن أنظر نحو الأعلى، وكان نظري بعيداً لا يتوقف دون الذروة. وكنت أعلم أني لا أملك النسب ولا الإرث، ولكني كنت أحس في أعماقي أنني لا أملك القدرة على الصعود إلى حيث وجد بعض المحظوظين أنفسهم بلا جهد، إلا إمارة موروثة.
والآن، وقد خبرت العيش عند الذروة، لا يسعني إلا أن أرجع إلى قعر الوادي، فإن أشار إلي الناس وقالو: كان، فتلك مصيبة، وإن لم يتفطن إلي أحد كأني لم أكن، فتلك مصيبة أعظم! ألا ترين؟ قد فعل بي أكثر مما فعل السفاح بأبي سلمة الخلال، ومما فعل أبو جعفر بأبي مسلم الخرساني… رجلان سيذكرهما الناس على كل حال ويعظمون أمرهما حباً أو كرهاً. لكنه آثر أن يطعن روحي لا جسمي. آذاك الذي يقيم في منية الرصافة هو الفتى الذي قاسمته الطريق الطويل والحلم البعيد؟ أهذه هي نهاية بدر؟ ألا يبقى من قصته وقصتي إلا أن تروى سيرته دون سيرتي؟ وإلا أن يقال: واصطحب معه خادمه بدراً! هل استدار الزمان على نفسه، فالأمير هو الأمير والخادم هو الخادم؟