«وما أنا بسبيلي إلى تقديمه إليك الآن لا أدري – كما قلتُ لك – كيف أنا سائرٌ به، أو كيف سيسير هو بي؛ فهذا الذي أكتبه لم أضَعْ خطوطَه العريضةَ، وإنما أنا مُسَلِّم أمري إلى ذكرياتي وتفكيري وقلمي.»
يُدفع الكاتبُ إلى الكتابة دفعًا حين تتَّقد في أعماق نفسه جمرةُ الكلمة وصدَى الذكريات وتوابعُ الأزمنة والأحداث، ولا يجد مفرًّا من هذا إلا أن يُمسك بقلمه ويبدأ، وفي أغلب الأوقات لا يدري ما ستنتهي إليه هذه الخطوة، وما سيتتابع عليه من جَرَّاء هذه الفَعْلة. والكاتب الكبير ثروت أباظة حين بدأ في كتابة هذه الرواية أو الذكريات كانت تلك حاله، حتى سلَّم إلى القارئ ما كان خبيئًا في نفسه، ويدور جُلُّ الرواية حول إرهاصات ثورة 1919م، وفورة الشباب التي أشعلتها، وحُنْكة السياسيِّين التي أدَّت إلى دوي صوتها في أرجاء مصر، مرورًا بثورة يوليو وهزيمة 76 وحتى انتصار أكتوبر.