النص هو واحد من نصوص المرحلة الثانية للمبدع سعد الله ونوس كتبه على فراش المرض ،بروح فنان استصفى المرض دماءه ،وأسمى روحه فنفذت فى أعماق النفس البشرية لتبحث فيها ،وتنقب عن طبيعتها او تكشف مكنونها ،إنها التحولات التى تجرى على البشر جميعا ،فتحيلهم إلى ذواتهم الحقيقية التى أخفاها طويلا قناع الرياء وعباءة الاصطناع.
يعيش الإنسان فى صورة يراها كل الناس ،وفى باطنه صورة أخرى قد تساوى ظاهره لكنها فى معظم الأحيان تناقض هذا الظاهر فماذا لو تبدلت الأوضاع وأصبح الباطن ظاهرا ،ليس بتأثير عقار كرواية ستفنسون “د.جيكل ومستر هايد” بل نتيجة حادثة تهتز لها مدينة دمشق وهى القبض على نقيب الأشراف وهو يفسق مع غانية ، ساعتها يتضامن معه المفتى رغم العداوة بينهما ويدبر حيلة مع زوج النقيب ،ويبدلها فى السجن مع الغانية فكأنه قُبض عليه مع زوجه مما يُوقع بصاحب الشرطة فى الشرك وتتبدل الأوضاع ويصبح هو سجينا وسجينه حراً ،عندها يطلق النقيب زوجه كما اشترطت للاشتراك فى حيلة الانقاذ ،وتهجر حياة العفة إلى دنيا الغوانى وتسمى نفسها ألماسة ويهيم بها الرجال وتحدث انقلابا فى حلب ،أما النقيب فقد انقلب متصوفا يمشى فى أسمال طامعا فى وصل الذات الإلهية ،والمفتى ينقلب عاشقا لألماسة يجاهد نفسه حيناً حتى ينهار عند قدميها ، وفى تلك الأثناء يتحول أحد الأعوان وبتأثير موجة التهتك المتفشية إلى مثلىّ ، ثم ينتهى كل شى بقتل ألماسة على يد أخيها وتصرح قبل وفاتها أن ألماسة ليست مجرد امرأة يفنيها دمها لو أجراه قاتلها ،بل هى حالة الإنسان كانت وستظل باقية كتجربة تكشف حقيقة المرء لو خبرها واحتك به.
تقوم مسرحية “طقوس الإشارات والتحوّلات” للمسرحي السوري سعد الله ونوس، على قصة وردت في مذكرات فخري البارودي، الذي يعتبر واحدًا من أشهر شخصيات المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا. … من هنا يخلق ونوس شخصيات مسرحيته لكنه يغير في التأويل والمغزى الذي هدف إليه البارودي، وفق ما يوضح ونوس في مقدمة مسرحيته.