الحضارة العربية والإسلامية هي، سجل تاريخي يوضح تطور العقل البشري، وهي بالحق والحقيقة امتداد للحضارات السابقة، ولكنها ذات شخصية متميزة ومفتوحة، وليست كالحضارة الغربية مغلقة على نفسها، وإن العرب بدافع من مبادئ الإسلام الحنيف تحولوا إلى أمة، فتحت العالم في مدة قصيرة، حيث يمكن اعتبار القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلادي)، القرنين الذهبيين لعلماء العرب والمسلمين. وهذا الكتاب الذي نحن في صدده، كتاب يتحدث عن الحضارة في فترة القرن الرابع الهجري، حيث كان الخليفة لا سلطة له.
فهناك الأتراك والفرس، يولون السلطة من يشاؤون، ويعزلون من يشاؤون، صدر هذا الكتاب في أربعة أجزاء وذلك ما بين 1945-1955، وفيه غياب التفلسف العربي، فيذكر أحمد أمين في هذا الكتاب: لم يكن العرب يعرفون الفلسفة، لأنها ليست من طبيعتهم، فهل تغيرت طبيعتهم حتى تفلسفوا؟ أم أنهم تثاقفوا؟ وتفاكروا؟ ويتابع أحمد أمين فيقول: “إنما عرفوا الفلسفة بعد أن اختلطوا باليونان والفرس والهند والروم”.
وهذا الكتاب كما قلنا يتألف من أجزاء أربعة، فالجزء الأول منه، يبحث في الحالة الاجتماعية، ومراكز الحياة العقلية من عهد المتوكل إلى آخر القرن الرابع الهجري، مقسماً هذا الجزء حسب ترتيب الدول التي قامت على أنقاض الدولة العباسية، كالدولة البويهية مثلاً، ذاكراً حضارة كل دولة من مختلف العلوم والآداب.