يقول محمد حسنين هيكل: ” فكرت أن أكتب عن عبدالناصر وعمالقة عصره، وكان عبدالناصر عملاقا، وكان عصره عصر عمالقة التقى بهم جميعا، بالاتفاق أو بالاختلاف، ونشأت عن لقائه بهم صداقات وصراعات تركت أثرها على العصر كله. “
الكتاب إذن عن عبدالناصر في علاقته بزعماء العالم في عصره .. وبما أن الكاتب كان يحلم منذ سنة 1957م أن يكتب تاريخ الزعيم الذي سلم له عقله وروحه وقلبه، حتى أصبح ناطقا رسميا بلسانه ومعبرا حقيقيا عن سياساته واختياراته في الحكم. لأنه كان لصيقا به، يرافقه أينما حل وارتحل. لهذا فقد رآى أنه الوحيد المؤهل لكي يكتب عنه شهادة يأخذها التاريخ في تقديره عندما يقرر ويحكم عليه.
وهكذا بدأ المؤلف في جمع مادة هذا الكتاب، مباشرة بعد وفاة عبدالناصر في 28 شتنبر 1970م. وفي ظرف ستة شهور، من مارس إلى شتنبر 1971م كان قد فرغ من تأليفه باللغة الإنجليزية، وسلمه لإحدى دور النشر البريطانية التي تولت نشره لأول مرة. ثم تولى بعد ذلك قسم الترجمة في جريدة النهار اللبنانية بترجمته إلى اللغة العربية سنة 1972م.
تناول محمد حسنين هيكل في كتابه هذا علاقات عبدالناصر ببعض زعماء عصره، فذكر تفاصيل تلك العلاقات وبعض كواليسها، وما جرى فيها من توافق في الرأي والأفكار وتطابق في وجهات النظر، كما حدث مع الزعيم اليوغسلافي تيتو والزعيم الهندي نهرو، أو ما كان فيها من اختلاف في الرأي وتناقض في وجهات النظر أدت في بعض الأحيان إلى حدوث نوع التوثر بين مصر وزعماء تلك الدول، ونذكر هنا علاقته المتوترة برئيس الوزراء البريطاني أنطوني إيدن والمستشار الألماني لودفيغ إيرهارد.
إن الكتاب مليء بالوثائق التاريخية من أقوال هؤلاء الزعماء والرسائل التي تبادلوها مع عبدالناصر، مما جعل الكتاب بمثابة وثيقة تاريخية تغني الأرشيف السياسي لهذه الفترة ( ستينيات القرن العشرين ). إذ لا يمكن لأي مهتم بسياسات عبدالناصر في تلك الفترة أن يستغني بأي حال عن الوثائق والمعلومات الواردة في هذا الكتاب .