لا تخلو هذه القصص من حلاوة الروح المصرية ، الظرافة و النباهة ، و الفهلوة كما يقال ، كما انها لا تخلو من الجمال و المعنى ..
يري الحكيم أن العدالة ما هي إلا مسرحية، تجلس هيئة المحكمة علي منصة يتطلع إليها الجمهور من مقاعدهم شأنها شأن قاعات التمثيل، جلسات المحكمة لا تقل غرابة ومتعة عن روايات المسرح، روايات يقدمها النواب والوكلاء العموميون تماما كما يقدمها الحكيم في مسرحياته، محاضر التحقيق هي أشبه بحوارات المسرح في روعتها ومتعتها أحيانا، ولدينا المحامي الذي ينوب عن الشخص الحقيقي فيصرف بفنه البارع في إظهار الحقائق الدفينة تصرف الممثل القدير في إبراز خفي المشاعر. ولا عجب أن الحكيم ترك القضاء من أجل الفن، فمن يخرج من كل هذا القبح والظلم والقهر في ريف الثلاثينيات ببعض من الجمال والفكاهة والفن لا بد له أن يفعل ذلك. الكتاب يعتبر الجزء الثاني من يوميات نائب في الأرياف وكم تمنيت أن يطيل الحكيم أكثر من حكاياته في هذا الجزء.