كانت سنوات الحكم العثماني المتأخرة وبالًا على الأمة العربية؛ حيث فَشَت المظالم وساد الاستبداد وغرقَت البلاد في ظُلمات الجهل والفساد، ولكن إرهاصات البعث الحضاري كانت تلمع من آنٍ لآخر؛ ففي مصر يُولِّي المصريون «محمد علي باشا» حُكم البلاد، فيُؤسِّس دولة حديثة قوية تنسلخ عن السلطنة العثمانية، وتُهدِّد عاصمتَها أيضًا. كذلك تَظهر حركة إصلاح ديني واسعة ببلاد الحجاز على يد الشيخ «محمد بن عبد الوهاب». كما تتألف جمعياتٌ عربية سِرية تُقاوِم الحُكم العثماني، وتَشغل الوعي القومي، وتُبشِّر بكيانٍ عربي جامع، فيتصاعد الصراع بين العرب والدولة العثمانية إلى أن يَصل إلى ذُروته مع قيام «الثورة العربية الكبرى» في الشام والحجاز؛ لتشتعلَ جذوة الحضارة في بلاد العرب من جديد، وينطلقَ جيل جديد يُؤسِّس نهضةً شاملة.