ومن أمثلة التثبت في الحديث عند الصحابة رضي الله عنهم استدراك بعضهم على بعض في رواية الحديث، إذا علم أحدهم أن هناك حديثا يروى على غير وجهه الصحيح. وكان استدراك الصحابة رضي الله عنهم بعضهم على بعض أمرا معتادا وشائعا بينهم لأن أحدهم لم يدع العصمة لنفسه، ولعلمهم أن تركهم لهذا الأمر يجعل العالم منهم كاتما للعلم وهو ما توعد عليه الشارع الحكيم على لسان رسوله الكريم. ومن الجدير بالذكر أنه ليس بالضرورة أن يكون المستدرك أعلى مرتبة من المستدرك عليه، بل الأمر مرهون بالحفظ والسماع، فمن حفظ فهو حجة على من لم يحفظ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يتقبلون ذلك بكل رحابة وانبساط لأن “الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها”. وممن اشتهر من الصحابة رضي الله عنهم بكثرة استدراكاته: عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وزوج النبي صلى الله عليه وسلم ـ وذكر لذلك ثلاثة أمثلة، ثم قال: وغير ذلك كثير مما حفلت به كتب السنن والآثار من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، تقضي بأنهم كانوا أمناء الله على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، اختارهم الله بعلم لتبليغ أحداث عصر الرسالة إلى الأمة الإسلامية بكل أمانة وصدق.