لقد وصل الإسلام إلى أوروبا عبر بوابتين رئيسيتين: بوابة شبه الجزيرة الأيبيرية في القرن الثامن الميلادي، وبوابة شبه جزيرة البلقان في الرابع عشر الميلادي. ولقد أنتج الوجود الإسلامي في الأندلس – أسبانيا على مدى ثمانية قرون ثقافة فريدة من التسامح الديني والثقافي والحرية الأكاديمية التي ساعدت أوروبا بشكل غير مسبوق في مسيرتها نحو الإنسانية ( Humanism) والنهضة ( Renaissance). ومما يؤسف له أن فكرة التسامح الأندلسي لم تدم في التاريخ الأوروبي. ومع نهاية القرن الخامس عشر الميلادي أظهر الملك فرديناند والملكة إيزابيلا عدم التسامح مع المسلمين مما اضطرهم إلى مغادرة شبه جزيرة أيبيريا سنة ١٤٩٢ بلا رجعة.
ولكن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، فأشرق نور الإسلام على أوروبا من جديد من شبه جزيرة البلقان، ومازال نوره يسطع في سمائها ويدخل الدفء في قلوب أبنائها إلى يومنا هذا. وبذلك أصبحت البوسنة “أندلسا ثانية” ، وإن كانت الأندلس الأولى قد ماتت، فإن البوسنة ما تزال حية لم تمت، ولن تموت بفضل الله ومن ثم بفضل المدرسة التي أسست على التقوى والعلم والمعرفة والتسامح